إجتماعية

أعراس ثلا.. أفراح تتراقص من النسمة إلى الميدان أعراس مدينة ثلا مسكن الرئيس الحمدي وعائلته

المستقلة خاص ليمنات

تقع على بعد (50كم) إلى الشمال الغربي من مدينة صنعاء ,وتتبع محافظة عمران ,وهي من مدن المرتفعات الواقعة ضمن إقليم المناخ المعتدل. ويرى بعض المؤرخين ان المدينة قد سميت باسم (ثلا بن لباخه بن أقيان بن حمير الأصغر). ألا أن اسمها قد اشتق من ثلئ أي كثير المال، ثم خففت إلى ثلا على الألسن وصارت معروفة بهذه الصيغة.

لقد اهتم الحميريون بالمدينة وحرصوا على التمسك بها للسيطرة على المناطق المجاورة، لأنها من أهم المواقع الحصينة, إذ تقع المدينة على ربوة مربعة الشكل أسفل السلسلة الجبلية الممتدة شرقا باتجاه سلسلة جبال كوكبان وحضور الشيخ ,ويطل عليها الحصن المنيع المعروف بحصن الغراب الذي يبلغ ارتفاعه (2960م) عن سطح البحر وهو بمثابة ملجأ حصين عند الحاجة وما زالت الآثار الحميرية كالمقابر الصخرية وبعض المخربشات على جوانبه إلى أليوم وقد وصفه أحد الأدباء شعرا إذ قال :

أما رأيت ثلا في نصب قامته يبدو لنا من حضيض الأرض تكميشا كأنة طائر هيأ قوادمه لان يطير ولما ينشر الريشا

أن مدينة ثلا تعد أنموذجاَ رائعا من نماذج المدن الإسلامية من حيث التخطيط العام والطرق ومواد البناء أو من حيث منشاتها المعمارية سواء الدينية منها التي بلغت (25) منشأة موزعة ما بين المساجد والقباب الضريحية والمدارس أو من خلال العمائر المدنية كالسوق الذي يحتوي على (142)حانوتا متقاربة في أحجامها وأشكالها وموضوعة في صفين متقابلين، أومنا زل متعددة الطوابق مبنية بالأحجار المهندمة، وكذلك الحمامات العامة إلى جانب المنشآت الحربية كالحصن والسور والأبراج، فكل ذلك يقدم للزائر طرازا معماريا يمنياً متميزا مستمدا من تراث معماري تتوارثه الأجيال منذ أكثر من أربعة آلاف عام وما زال قائما ومحافظا عليه حتى اليوم ,إنها مدينة مليئة بالمعالم السياحية وغنية بتراثها الفني والمعماري.. ونحن في المستقلة وفي سياق استطلاعاتنا عن عادات وتقاليد المناطق اليمنية المختلفة قمنا بزيارة إلى مدينة ثلا لننقل لكم من عبق التاريخ فصلاً ومن روح الحاضر شطراً..

<  إعداد/ عبدالله الشاوش

الخطبة ووثيقة العهد

تتميز مدينة ثلا بطيبة أهلها، فعند وصولنا إليهم أقبلوا علينا بكل ترحاب واغدقوا علينا من سخاء الضيافة الشيء الكثير.. وعن الموضوع الذي كانت زيارتنا من أجله بدأنا بطرح سؤال على الحاضرين مفاده إلى أي مدى يتمتع الشاب أو الشابة في هذه المنطقة بحرية اختيار شريك حياته؟ فأجاب علينا أحد الجالسين معنا وهو الحاج علي فقيه قائلاً: “نحن في هذه المنطقة نشأنا على ما وجدنا عليه أباءنا وأجدادنا  التي تفرض علينا ترك اختيار الزوجة للأب والأم ونحن في الماضي لم يستطع أحد منا مخالفة أي شيء مما تربينا عليه….. لكن ما نشاهده هذه الأيام هو أن أولادنا يحاولون مخالفة هذه العادات والتقاليد وما أذكره أن شاباً من هذا الجيل أحب بنتاً من جيرانهم فكلم والده يروح يخطب له هذه البنت ووالده لبى رغبته وذهب يخطبها لولده من أبيها لكننا تفاجأنا برفض والد البنت  ولأن البنت كانت موافقة والشاب مصراً على الزواج منها فقد تدخل مجموعة من أبناء المنطقة لحل الموضوع وإقناع والد البنت بالموافقة ورغم أن الأب كان معترضاً بشدة ويرفض هذا الزواج إلا أننا اصررنا على موافقة والد البنت رغم الرفض الشديد منه وقد لجأنا إلى عاداتنا وتقاليدنا التي تقول إنه في مثل  هذه المواقف يجب إسالة دم على باب منزل والد البنت فذهبنا لشراء رأس بقر وذبحناه بباب منزله وبعد الذبح تحتم عاداتنا وتقاليدنا الموافقة على الخطبة أو إبراز سبب الرفض ويجب في هذه الحالة أن يكون السبب قوياً ومقنعاً للجميع لكن في قضيتنا هذه الحمد لله وافق والد البنت على هذه الخطوبة بعد أن شاهد إصرار الشاب على خطبة ابنته وأيضاً لمس موافقة صاحبة الشأن. على هذا الزواج.

 

وعن مراسم إتمام الخطبة وما يفرض على الشاب يواصل الحاج علي حديثه قائلاً: “ نحن حتى هذه اللحظة  ما زلنا متمسكين بوثيقة عهد تحدد ما يجب على الشاب دفعه في الخطبة وأيضاً شرط ومهر وهو مبلغ لا يتجاوز مائتي ألف ريال  فقط لا غير.. وبعد الموافقة على الخطبة ودفع الشاب ما هو محدد عليه في وثيقتنا تعلن الخطوبة رسمياً ويترك تحديد موعد العرس للشاب وأهله حسب ظروفهم..

وبعد أن تتناسب الظروف مع والد الشاب وترغب الأسرة بتزويج ابنهم يذهب والد الشاب إلى والد البنت ويسلم ما عليه من شرط ومهر حسب ما تنصه وثيقتنا ويتم تحديد يوم العرس فيستعد كلٌ بطريقته في التحضير ليوم الزفاف…

النسمة

 الأخ/ منصور قال: “يبدأ العرس عندنا في يوم الأربعاء ونسميه يوم النسمة للعروسة والمشجب للعريس وهذا يعتبر أول أيام الفرح ففي هذا اليوم يقوم أهل العروسة بإحضار المزينة من الصباح الباكر فتقوم بنقش العروسة ووضع الحنا على يديها ورجليها ولا تنتهي من هذا إلا قبل الظهر….

وبعد تناول الأقارب الغداء في منزل العروسة تقوم المزينة بتجهيز العروسة والباسها بملابس خاصة لهذا اليوم يكثر فيه استخدام الأزياء القديمة….

أما النساء فيتوافدن إلى منزل العروسة ولا ينتهي توافدهن إلا في العصر حينها يقوم الجميع بإخراج العروسة من غرفتها إلى مجلس البيت بزفة خاصة يرافق هذه الزفة إطلاق الرصاص والألعاب النارية لتنطلق الأفراح والليالي الملاح ويبدأ الاحتفال للنساء بسماع المزينة وهي تطرب الحاضرات بغناءها الجميل المتسم بالرقة والأنوثة فيما تقوم أثنتان من الحاضرات بالرقص وهكذا يستمر تناوب الحاضرات في الرقص على اثنتين حتى المساء….

المشجب

أما يوم المشجب للعريس فيكون هو يوم الأربعاء  حيث يذهب في الصباح الباكر إلى الحمام ولا يعود إلا بعد الظهر عندما يبدأ توافد الرجال إليه فيجتمعون في مقيل حتى الليل حيث تبدأ مراسم الاحتفال البهيجة  بزفة العريس بالطبل والمزمار إلى مجلس البيت مكان السمرة فيرقص من يرغب على الطبل والمزمار والبقية يشاهدون وتستمر هذه السمرة حتى الصباح..

ويقضي أهل العريس ليلتهم بإعداد وليمة الغداء الضخمة لليوم التالي….

الزفة

“يوم الزفة للعروسة هو يوم الخميس  ويبدأ هذا اليوم عند العروسة من بعد تناول قريبات العروسة طعام الغداء في منزلها وتقوم المزينة بتجهيزها وتزيينها، وعندما يكتمل توافد النساء إلى منزلهم يبدأ الاحتفال كاليوم السابق بزفة وغناء المزينة “المغنية” وتناوب الحاضرات في الرقص ويستمر هذا الاحتفال إلى وصول موكب العريس…..

الميدان

يوم الميدان للعريس يبدأ من الصباح الباكر حيث يصحو العريس باكراً ويقوم بتجهيز نفسه بلبس الملابس الخاصة لهذا اليوم وهي العكاوة والثوب القديم والجمبية والسيف واللحفة.. الخ” حتى يتم استدعاؤه من قبل والده بعد حضور أهالي المدينة إلى أمام منزلهم فيخرج العريس والمزين يدق الطاسة ويجلس العريس والجميع من حوله ويتناوب مجموعة منهم على  البرع على آلة الطاسة والمرفع ويستمرون هكذا حتى أذان الظهر ويتخلل هذا الوقت استقبال “الرفادة” أي الضيوف القادمين من خارج المدينة ويتم استقبالهم بالزوامل والبرع وبعدها يتجه الجميع إلى بيت العريس لتناول طعام الغداء ويجتمع الكل في مقيل يخالطه نشيد الفقيه حتى أول الليل حيث يتم تجهيز العريس لعمل زفة منوعة تبدأ بالمزمار ثم النشيد ثم العزف على الاورج ثم يتم تجهيز موكب يسمى “موكب الحراوة” وهم أشخاص يتولون الذهاب إلى بيت العروسة لأخذها إلى عريسها…

الزفة والفتشة

ويواصل الحاج علي حديثه قائلاً: “وبعد وصول موكب الحراوة إلى منزل العروسة يتم استقبالهم من قبل أهل العروسة وهم يرددون بصوت جماعي عالي قائلين: “يا مرحبا يا مسلا فوق العين وفوق الرأس” فيما الحراوة ويرددون عليهم أيضاً بصوت عالي وجماعي قائلين “بقيتم” أي بقي عطاؤكم واستمر….

وبعد ذلك يذهب والد العروسة ويأذن لابنته بالانصراف إلى بيت زوجها وعندها تقوم المزينة بدق الطبل وعمل زفة للعروسة حتى تصل إلى السيارة حيث ينطلق الموكب وقد أختلط أهل العروسة مع الحراوة ويتخلل هذه اللحظة إطلاق الرصاص والألعاب النارية حتى يصلوا بيت العريس حيث يستقبلهم ومن معه وبعدها تدخل العروسة غرفتها ويستدعى العريس من قبل والده ليدخل مع أهل العروسة وأخوالها ليقوم العريس بفتش اللثام عن وجهها والسلام عليها ودفع مبلغ مالي رمزي أمام الجميع ثم يعودون جميعاً إلى مجلس الاحتفال لإكمال السمرة أما العريس فلا يجلس معهم إلا قليل من الوقت حيث يغادر المجلس متجهاً إلى عروسته التي تنتظر قدومه ليقضيا ليلة من أجمل ليالي العمر ويصحوا العريس باكراً ليذهب إلى منزل عروسته والسلام على عمته..

 السابــــــــع

هو سابع أيام العرس حيث تأتي أسرة العروسة إلى منزلها الجديد وفي هذا اليوم تحيي فيه أيام العرس السعيدة حيث يقومون بإحضار المزينة “المغنية” لتجديد نقش العروسة وحناها وطرب الحاضرات بأغانيها التي ترقص عليها من ارادت ويستمر هذا الاحتفال إلى أول الليل حيث يغادر أهل العروسة إلى منازلهم وأيضاً يغادر الجميع وبهذا المغادرة تغادر جميع مظاهر الاحتفال وتبدأ حياة الزوجية السعيدة إن شاء الله..

زر الذهاب إلى الأعلى